فتنة الزؤان - تأليف. إبراهيم الكوني

 

  • النوع: غلاف عادي
  • الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
  • تاريخ النشر: 1995

من الذيل السخي السابح في الفراغ تنبثق أجسام هزيلة، تماثل أجنحة الذباب في الهشاشة والهزال، تنفصل هن البدن الأم، تولد من رسم الذيل، وتهتم في الفضاء، فتبدو، تحت شعاع الغسق، كأسراب الغرانق في أفق البعد. يبدأ سرب الزؤان في التشتت، يتقلب في الفراغ، يهوي إلى الأسافل مسافة، ثم لا يلبث أن يتراجع ويرتفع إلى الأعالي، يتلوى يبتهج بحلول الغسق، يلاعب فيض الغسق، يحل في الغسق، ويحل فيه الغسق، فيتفضأ الفضاء، وتخلو ساحة الفارع، وتفتقد العين لعبة اللهو، يحل في الظل اكتئاب، وينتحب الفراغ حزناً. الزؤان يظهر من جديد، يظهر السرب فجأة، ينبثق من ضوء الفارغ كما انبثق من ثعبان الحب، ليعيد لعبته الغامضة من جديد. يزداد ارتفاعاً. يزداد ضآلة، وهزلاً. يزداد شقاوة في لعبته مع الفراغ، ومع الغسق، ومع الضوء. كانت الصحراء تختنق، والهواء مات فيها منذ يومين، ولكن أنفاساً خفية نالها الزؤان فمضى فراره إلى اعلى. كأن ريحاً حقيقية هبت. يترنح كمجذوب الوجد، كأنه يحترق بأغنية حنين لم يسمعها سواه، يدور حول نفسه، يبدأ السرب عراكاً مجهولاً. تتلامع الأجنحة الهشة في أضواء الغسق كما تتلامع أنصال السيوف. يشتد الرقص الجنوبي، تتشابك الأطراف، تتلاحم الأيدي، يتكتل السرب، ينكفئ الشتات الضائع، ويسكن في الالتحام الحميم. ولكن الضياع يبدأ من جديد. تهب الأنسام الخفية فيرقص لها الجند. يتفرق الجند. يبدأ جنون جديد. تتأرجح الأبدان، ثم ترتعش بعنف، ثم تتمايل، ثم تترنح، ثم تتلوى، ثم تدور حول نفسها، ثم تهوي، ثم تفز وتنطلق إلى أعلى، أو إلى اليمين، أو إلى اليسار، ثم تهرع لمداعبة الضوء فتومض بإغواء، وتكلم السماء بلغة الإيماء، حتى إذا أصابها الإعياء، اختارت الشتات، وعادت إلى وطن الخفاء. اختفت مرة أخرى. اختفت، فسمع الفراغ ينتحب، وأحس ببلل في العين. استمر يحدق في الفراغ. انتظر ظهور الشتات فتكلمن القرينة: هل رأيت النبوءة؟

product review overlay image

Customer reviews

{rating}
{/rating} No reviews left yet
Write A Review

No reviews have been left for this product, be the first to leave a review
Weight 0.2kg